بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم, إلى أنوار المعرفة والعلم, ومن وحول الشهوات, إلى جنات القربات.
الكلمة الطيبة صدقة والكلمة الخبيثة يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين :
الآية اليوم:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-27]
في بعض الأحاديث الشريفة:
((الكلمة الطيبة صدقة))
[أخرجه مسلم وابن خزيمة في صحيحه عن أبي هريرة]
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من رضوان الله تعالى-, يرقى بها إلى أعلى عليين, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-, يهوي بها إلى أسفل سافلين))
[ورد في الأثر]
البطولة أن تعد كلامك من عملك, فالكلمة الطيبة صدقة, والكلمة الخبيثة يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين.
بطولة الإنسان أن يعد كلامه من عمله :
أحياناً الإنسان يدخل إلى بيت صغير جداً, يتكلم كلاماً فيه ازدراء لهذا البيت, تكون الزوجة على وفاق مع زوجها, وهناك مودة, و وئام, و محبة, هذا التعليق على هذا البيت الصغير أزعج الزوجة, فلما جاء زوجها, تجهمت في وجهه, وانقلب هذا البيت من بيت فيه سعادة إلى بيت فيه خصام, كلمة تكلمها.
الكلمة الطيبة صدقة, ترقى بها إلى أعلى عليين, والكلمة الخبيثة إساءة كبيرة جداً, يهوي بها إلى أسفل سافلين: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-, يهوي بها إلى أسفل سافلين".
في بعض التوجيهات النبوية:
((مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا فَتَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ))
[ الترمذي و أبو داود و أحمد عن أبي هريرة ]
تتكلم بالأسعار, ارتفاع أثمان البيوت, بمشكلات يعانيها المجتمع, هذه المشكلات تتراكم بعضها فوق بعض, لا تستطيع أن تقف, وأحياناً تجلس مجلساً فيه ذكر لله عز وجل؛ تمتلىء ثقة, تمتلئ طمأنينة, تمتلئ فرحاً بمعرفة الله, تمتلئ فرحاً برضوان الله؛ ففرق كبير بين مجلس يُذكر الله فيه, وبين مجلس لا يذكر الله فيه.
المؤمن في كل أحواله راض عن الله عز وجل :
أنا أتمنى أن الله عز وجل حينما يقول:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:152]
أن تكثر من ذكر الله.
بالمناسبة:
﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
[سورة طه الآية:14]
الصلاة ذكر.
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾
[سورة العنكبوت الآية:45]
العلماء قالوا: "ذكر الله أكبر ما في الصلاة" هذا معنى.
الصحابي الجليل ابن عباس يقول: "ذكر الله لك -أيها المصلي- وأنت في الصلاة, أكبر من ذكرك له؛ إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية, لكنه إذا ذكرك منحك الرضا".
المؤمن راض عن الله.
قال له: يا ربي! هل أنت راض عني؟ قال: فوقع في قلبه: أن يا عبدي, هل أنت راض عني؟ فتعجب هذا العبد! يا رب! كيف أرضى عنك وأنا أتمنى رضاك؟ فكان الجواب: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
لذلك قالوا: الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين.
الإيمان رحمة :
المؤمن حينما يُبتلى ببلية, ويقول: يا رب لك الحمد, أنا راض, شيء رائع جداً.
حدثني أخ مقيم في مستشفى, جاءهم مريض, يشكو من ورم خبيث في كل أمعائه, والمرض قاتل, هذا المريض كلما دخل عليه عائد أو زائر, يقول له: اشهد أنني راض عن الله, يا ربي لك الحمد, الغرفة استقطبت كل موظفي المستشفى؛ هناك نورانية في الغرفة, و راحة نفسية عجيبة, مريض مصاب بورم خبيث, منتشر في أمعائه, والمرض قاتل, وهذا المريض كلما دخل عليه زائر يقول: اشهد أنني راض عن الله, يا ربي لك الحمد!!.
والله حدثني -هذا الموظف في المستشفى- قال لي: إذا قرع الجرس من هذه الغرفة, يتسابق الموظفون لتلبية طلبه, يشعرون براحة عجيبة جداً, بعد أسبوع توفاه الله عز وجل.
ولحكمة بالغةٍ, بالغةٍ, بالغة جاء مريض آخر, مصاب بالمرض نفسه, يا لطيف! يسب الدين, يسب الإله, الله عز وجل أعلم هؤلاء الموظفين؛ المرض نفسه, الآلام نفسها, كيف المرض في حالة المؤمن مع الإيمان, وكيف المرض مع الكفران.
لذلك: بعد حين وقع تحت يدي بحث دقيق, اسمه "بوابات الألم", قال: "الألم له طريق من الجلد أحياناً إلى الأعصاب, أعصاب الحس هذه تتجمع في النخاع الشوكي, تصل إلى الدماغ".
أحياناً طبيب الأسنان يقلع السن من دون تخدير, لسبب أو لآخر أثناء انقطاع العصب الموجود في لب السن يشعر المريض بألم لا يوصف.
قال: بوابات الألم أحياناً تُغلق, فإذا أغلقت لا يصل من هذا الألم إلا العشر, وأحياناً تكون مفتوحة على مصاريعها فالألم لا يُحتمل.
سبحان الله! الذي كتب هذا المقال هو عالم طب, قال: والذي يتحكم بهذه البوابات الحالة النفسية للمريض.
إذا كنت مؤمناً وراض عن الله, هذه البوابات تغلق, لا يصل من الألم إلا العشر, وإذا كان الإنسان بعيداً عن الله عز وجل, وساخطاً على الله عز وجل, يرفض قضاء الله وقدره, هذه البوابات مفتوحة على مصاريعها. فلذلك: الإيمان رحمة.
الكلمة الطيبة تمتن العلاقات بين الناس و تطيب القلوب :
هنا هذه الآية تتعلق بمجالسنا:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
كلمة تهنئة, دخلت إلى بيت أختك؛ أثنِ على زوجها, زوجها صالح لكنه فقير, أثن على أخلاقه, بين لها أن القيمة هي قيمة الأخلاق, وأن هذا الزوج إنسان رائع, والله يهنئك فيه, يخرج الأخ من عند أخته, والأخت راضية, أحياناً يذكر بعض العيوب في بيتها, ألم يقدم لك شيئاً على العيد؟ فتسخط على زوجها.
كلمة طيبة؛ بالكلمة الطيبة ترقى إلى أعلى عليين, وبالكلمة الخبيثة تهوي إلى أسفل سافلين.
فعود نفسك بالكلمة الطيبة؛ كلمة التواصل, كلمة العفو, كلمة التشجيع, كلمة لفت النظر للآخرة.
مرة دخلت إلى بيت, صدقوا ولا أبالغ ما رأيت في حياتي غرفة ضيوف أصغر من هذه الغرفة, مساحة الطاولة من مساحة الغرفة, فصاحب البيت خجل كثيراً, قلت له: النبي الكريم -سيد الخلق, وحبيب الحق, سيد ولد آدم-, كانت غرفته التي ينام فيها لا تتسع لصلاته ونوم زوجته, فكان إذا صلى, يجب أن تبتعد الزوجة عن مكان السجود, فهذا سيد الخلق, وحبيب الحق.
ذكرت له نصاً: "فلينظر ناظر بعقله أن الله أكرم محمداً أم أهانه حين زوى عنه الدنيا؟ فإن قال: أهانه فقد كذب, وإن قال: أكرمه، فلقد أهان غيره حيث أعطاه الدنيا".
هناك كلمة طيبة ترفع معنويات الفقير, كلمة طيبة ترفع معنويات المريض, المريض تحت ضغط المرض, فإذا بينت له أن مرض المؤمن تقريب إلى الله عز وجل:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
[سورة البقرة الآية:155-157]
ممكن بكلامك تطيب القلوب, بكلامك ترفع المعنويات, بكلامك تمتن العلاقات بين الزوج وزوجته, بكلامك يرتقي من يسمعها إلى أعلى عليين.
الكلمة الطيبة لها جذور عميقة جداً وهي متعلقة بعلة وجود الإنسان في الدنيا :
لذلك:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:152]
إذا ذكر الله في أي مكان تجلس به, أما مجلس من دون ذكر "قاموا عن أنتن من جيفة حمار"؛ غيبة, ونميمة, وتعليقات, وقنص للأخطاء, وتشهير، فهذه كلها من صفات أهل الدنيا. لذلك: المؤمن يسعد بأخيه، مرة سيدنا حنظلة -رضي الله عنه- كان يبكي في الطريق, رآه سيدنا الصديق قال له: "ما لك -يا حنظلة- تبكي؟ قال له: نافق حنظلة, قال له: ولم يا أخي؟ قال: نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين, فإذا عافسنا الأهل ننسى, فسيدنا الصديق بأعلى درجة من الكمال قال له: أنا كذلك يا أخي", هذا تواضع.
أحياناً: يشكو لك ابنه, تقول له: أنا عندي ابن رائع جداً, ما شاء الله! بار, محسن, هذا الكلام يعمق له ألمه, قل له: الوضع صعب, الجو العام صعب, نحن في آخر الزمان, أعطه قليلاً من التخفيفات مما يعاني.
فقال له: "وأنا كذلك يا أخي, انطلق بنا إلى رسول الله, فانطلقا, فقال النبي الكريم:
(( إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا ))
[ موطأ مالك ]
(( لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّذِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ فِي مَجَالِسِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَعَلَى فُرُشِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، وَسَاعَةً وسَاعَةً ))
[ سنن الترمذي عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ ]
هناك كلام يطيب القلب, كلام يجبر الخاطر, كلام يرفع المعنويات, كلام يمتن العلاقات, كلام يدعو إلى التفاؤل, وهناك كلام فيه سخط, وفيه نقمة, وفيه تعليق مؤلم, هو سيئ, هذه الكلمة يبغضها الله عز وجل, قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
الكلمة الطيبة لها جذور عميقة جداً؛ متعلقة بمنهج الله, متعلقة بعلة وجودك في الدنيا, متعلقة بالآخرة, تنطلق الكلمة الطيبة من مبادىء, من قيم, من مثل, من كمال, من صلة بالله عز وجل:
﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-25]
أحياناً كلمة طيبة تسبب هداية إنسان؛ اهتدى هو, وزوجته, وأولاده, وذريته.
الكلمة الطيبة آثارها تمتد إلى يوم القيامة :
لذلك: الكلمة الطيبة صدقة؛ بمعنى أن آثارها إلى يوم القيامة, وهي في صحيفة من قالها:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
هناك أشجار طول جذورها ثلاثون متراً, ممتدة هكذا, كلمة ثابتة:
﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
تعطيك الفواكه الناضجة:
﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
[سورة إبراهيم الآية:25]
الكلمة الطيبة تشد الإنسان إلى الدين و الكلمة الخبيثة تبعده عنه :
دقق الآن:
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية:26]
بحساب مطالعاتي مرة قرأت كلمة -أنا لا أعتقد أخبث منها في الأرض- قال: أنت أخلاقي لأنك ضعيف, وأنت ضعيف لأنك أخلاقي.
هذه كلمة تشوه المبادئ والقيم, كلمة من كلمات الشيطان؛ أنت أخلاقي لأنك مؤمن, أنت أخلاقي لأنك عرفت سرّ وجودك، وغاية وجودك, أنت أخلاقي لأنك تسعى للدار الآخرة, أنت أخلاقي لأنك الله يحبك وأنت تحبه, وهناك كلمة أخرى خبيثة؛ أنت أخلاقي لأنك ضعيف, وضعيف لأنك أخلاقي, هذه كلمة خبيثة.
والله هناك كلمات, أنا أقول: ألف تصرف رائع, حكيم, ناجح, أخلاقي, يشد الإنسان إلى الدين, وكلمة خبيثة واحدة, تعليق ساخر, تعليق فيه استهزاء, تعليق فيه ازدراء, يبعد الإنسان عن الدين:
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ* يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾
[سورة إبراهيم الآية:26-27]
القرآن قول ثابت :
القرآن قول ثابت, فيه آيات فيها بشارة للمؤمنين؛ مثلاً:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
[سورة فصلت الآية:30-32]
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
مراتب الدنيا مراتب مؤقتة :
أحياناً الإنسان يذهب إلى بلاد الغرب, يجد بلاداً جميلة جداً؛ جبالاً خضراء, أموالاً طائلة, الحياة بأعلى درجات من الدقة والرفاه, تأتيه خواطر شيطانية لماذا نحن لسنا كذلك؟ مثلاً: لماذا بلادنا ليست كهذه البلاد؟ يأتي الجواب:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
الآية الكريمة:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾
[سورة الأنعام الآية:44]
إذا اختل الإنسان توازنه قليلاً, حينما زار بلاد الكفار, تأتي هذه الآية, تزيل هذا الإشكال:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية:44]
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
والحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم, إلى أنوار المعرفة والعلم, ومن وحول الشهوات, إلى جنات القربات.
الكلمة الطيبة صدقة والكلمة الخبيثة يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين :
الآية اليوم:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-27]
في بعض الأحاديث الشريفة:
((الكلمة الطيبة صدقة))
[أخرجه مسلم وابن خزيمة في صحيحه عن أبي هريرة]
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من رضوان الله تعالى-, يرقى بها إلى أعلى عليين, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-, يهوي بها إلى أسفل سافلين))
[ورد في الأثر]
البطولة أن تعد كلامك من عملك, فالكلمة الطيبة صدقة, والكلمة الخبيثة يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين.
بطولة الإنسان أن يعد كلامه من عمله :
أحياناً الإنسان يدخل إلى بيت صغير جداً, يتكلم كلاماً فيه ازدراء لهذا البيت, تكون الزوجة على وفاق مع زوجها, وهناك مودة, و وئام, و محبة, هذا التعليق على هذا البيت الصغير أزعج الزوجة, فلما جاء زوجها, تجهمت في وجهه, وانقلب هذا البيت من بيت فيه سعادة إلى بيت فيه خصام, كلمة تكلمها.
الكلمة الطيبة صدقة, ترقى بها إلى أعلى عليين, والكلمة الخبيثة إساءة كبيرة جداً, يهوي بها إلى أسفل سافلين: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-, يهوي بها إلى أسفل سافلين".
في بعض التوجيهات النبوية:
((مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا فَتَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ))
[ الترمذي و أبو داود و أحمد عن أبي هريرة ]
تتكلم بالأسعار, ارتفاع أثمان البيوت, بمشكلات يعانيها المجتمع, هذه المشكلات تتراكم بعضها فوق بعض, لا تستطيع أن تقف, وأحياناً تجلس مجلساً فيه ذكر لله عز وجل؛ تمتلىء ثقة, تمتلئ طمأنينة, تمتلئ فرحاً بمعرفة الله, تمتلئ فرحاً برضوان الله؛ ففرق كبير بين مجلس يُذكر الله فيه, وبين مجلس لا يذكر الله فيه.
المؤمن في كل أحواله راض عن الله عز وجل :
أنا أتمنى أن الله عز وجل حينما يقول:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:152]
أن تكثر من ذكر الله.
بالمناسبة:
﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
[سورة طه الآية:14]
الصلاة ذكر.
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾
[سورة العنكبوت الآية:45]
العلماء قالوا: "ذكر الله أكبر ما في الصلاة" هذا معنى.
الصحابي الجليل ابن عباس يقول: "ذكر الله لك -أيها المصلي- وأنت في الصلاة, أكبر من ذكرك له؛ إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية, لكنه إذا ذكرك منحك الرضا".
المؤمن راض عن الله.
قال له: يا ربي! هل أنت راض عني؟ قال: فوقع في قلبه: أن يا عبدي, هل أنت راض عني؟ فتعجب هذا العبد! يا رب! كيف أرضى عنك وأنا أتمنى رضاك؟ فكان الجواب: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
لذلك قالوا: الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين.
الإيمان رحمة :
المؤمن حينما يُبتلى ببلية, ويقول: يا رب لك الحمد, أنا راض, شيء رائع جداً.
حدثني أخ مقيم في مستشفى, جاءهم مريض, يشكو من ورم خبيث في كل أمعائه, والمرض قاتل, هذا المريض كلما دخل عليه عائد أو زائر, يقول له: اشهد أنني راض عن الله, يا ربي لك الحمد, الغرفة استقطبت كل موظفي المستشفى؛ هناك نورانية في الغرفة, و راحة نفسية عجيبة, مريض مصاب بورم خبيث, منتشر في أمعائه, والمرض قاتل, وهذا المريض كلما دخل عليه زائر يقول: اشهد أنني راض عن الله, يا ربي لك الحمد!!.
والله حدثني -هذا الموظف في المستشفى- قال لي: إذا قرع الجرس من هذه الغرفة, يتسابق الموظفون لتلبية طلبه, يشعرون براحة عجيبة جداً, بعد أسبوع توفاه الله عز وجل.
ولحكمة بالغةٍ, بالغةٍ, بالغة جاء مريض آخر, مصاب بالمرض نفسه, يا لطيف! يسب الدين, يسب الإله, الله عز وجل أعلم هؤلاء الموظفين؛ المرض نفسه, الآلام نفسها, كيف المرض في حالة المؤمن مع الإيمان, وكيف المرض مع الكفران.
لذلك: بعد حين وقع تحت يدي بحث دقيق, اسمه "بوابات الألم", قال: "الألم له طريق من الجلد أحياناً إلى الأعصاب, أعصاب الحس هذه تتجمع في النخاع الشوكي, تصل إلى الدماغ".
أحياناً طبيب الأسنان يقلع السن من دون تخدير, لسبب أو لآخر أثناء انقطاع العصب الموجود في لب السن يشعر المريض بألم لا يوصف.
قال: بوابات الألم أحياناً تُغلق, فإذا أغلقت لا يصل من هذا الألم إلا العشر, وأحياناً تكون مفتوحة على مصاريعها فالألم لا يُحتمل.
سبحان الله! الذي كتب هذا المقال هو عالم طب, قال: والذي يتحكم بهذه البوابات الحالة النفسية للمريض.
إذا كنت مؤمناً وراض عن الله, هذه البوابات تغلق, لا يصل من الألم إلا العشر, وإذا كان الإنسان بعيداً عن الله عز وجل, وساخطاً على الله عز وجل, يرفض قضاء الله وقدره, هذه البوابات مفتوحة على مصاريعها. فلذلك: الإيمان رحمة.
الكلمة الطيبة تمتن العلاقات بين الناس و تطيب القلوب :
هنا هذه الآية تتعلق بمجالسنا:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
كلمة تهنئة, دخلت إلى بيت أختك؛ أثنِ على زوجها, زوجها صالح لكنه فقير, أثن على أخلاقه, بين لها أن القيمة هي قيمة الأخلاق, وأن هذا الزوج إنسان رائع, والله يهنئك فيه, يخرج الأخ من عند أخته, والأخت راضية, أحياناً يذكر بعض العيوب في بيتها, ألم يقدم لك شيئاً على العيد؟ فتسخط على زوجها.
كلمة طيبة؛ بالكلمة الطيبة ترقى إلى أعلى عليين, وبالكلمة الخبيثة تهوي إلى أسفل سافلين.
فعود نفسك بالكلمة الطيبة؛ كلمة التواصل, كلمة العفو, كلمة التشجيع, كلمة لفت النظر للآخرة.
مرة دخلت إلى بيت, صدقوا ولا أبالغ ما رأيت في حياتي غرفة ضيوف أصغر من هذه الغرفة, مساحة الطاولة من مساحة الغرفة, فصاحب البيت خجل كثيراً, قلت له: النبي الكريم -سيد الخلق, وحبيب الحق, سيد ولد آدم-, كانت غرفته التي ينام فيها لا تتسع لصلاته ونوم زوجته, فكان إذا صلى, يجب أن تبتعد الزوجة عن مكان السجود, فهذا سيد الخلق, وحبيب الحق.
ذكرت له نصاً: "فلينظر ناظر بعقله أن الله أكرم محمداً أم أهانه حين زوى عنه الدنيا؟ فإن قال: أهانه فقد كذب, وإن قال: أكرمه، فلقد أهان غيره حيث أعطاه الدنيا".
هناك كلمة طيبة ترفع معنويات الفقير, كلمة طيبة ترفع معنويات المريض, المريض تحت ضغط المرض, فإذا بينت له أن مرض المؤمن تقريب إلى الله عز وجل:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
[سورة البقرة الآية:155-157]
ممكن بكلامك تطيب القلوب, بكلامك ترفع المعنويات, بكلامك تمتن العلاقات بين الزوج وزوجته, بكلامك يرتقي من يسمعها إلى أعلى عليين.
الكلمة الطيبة لها جذور عميقة جداً وهي متعلقة بعلة وجود الإنسان في الدنيا :
لذلك:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:152]
إذا ذكر الله في أي مكان تجلس به, أما مجلس من دون ذكر "قاموا عن أنتن من جيفة حمار"؛ غيبة, ونميمة, وتعليقات, وقنص للأخطاء, وتشهير، فهذه كلها من صفات أهل الدنيا. لذلك: المؤمن يسعد بأخيه، مرة سيدنا حنظلة -رضي الله عنه- كان يبكي في الطريق, رآه سيدنا الصديق قال له: "ما لك -يا حنظلة- تبكي؟ قال له: نافق حنظلة, قال له: ولم يا أخي؟ قال: نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين, فإذا عافسنا الأهل ننسى, فسيدنا الصديق بأعلى درجة من الكمال قال له: أنا كذلك يا أخي", هذا تواضع.
أحياناً: يشكو لك ابنه, تقول له: أنا عندي ابن رائع جداً, ما شاء الله! بار, محسن, هذا الكلام يعمق له ألمه, قل له: الوضع صعب, الجو العام صعب, نحن في آخر الزمان, أعطه قليلاً من التخفيفات مما يعاني.
فقال له: "وأنا كذلك يا أخي, انطلق بنا إلى رسول الله, فانطلقا, فقال النبي الكريم:
(( إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا ))
[ موطأ مالك ]
(( لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّذِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ فِي مَجَالِسِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَعَلَى فُرُشِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، وَسَاعَةً وسَاعَةً ))
[ سنن الترمذي عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ ]
هناك كلام يطيب القلب, كلام يجبر الخاطر, كلام يرفع المعنويات, كلام يمتن العلاقات, كلام يدعو إلى التفاؤل, وهناك كلام فيه سخط, وفيه نقمة, وفيه تعليق مؤلم, هو سيئ, هذه الكلمة يبغضها الله عز وجل, قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
الكلمة الطيبة لها جذور عميقة جداً؛ متعلقة بمنهج الله, متعلقة بعلة وجودك في الدنيا, متعلقة بالآخرة, تنطلق الكلمة الطيبة من مبادىء, من قيم, من مثل, من كمال, من صلة بالله عز وجل:
﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-25]
أحياناً كلمة طيبة تسبب هداية إنسان؛ اهتدى هو, وزوجته, وأولاده, وذريته.
الكلمة الطيبة آثارها تمتد إلى يوم القيامة :
لذلك: الكلمة الطيبة صدقة؛ بمعنى أن آثارها إلى يوم القيامة, وهي في صحيفة من قالها:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
هناك أشجار طول جذورها ثلاثون متراً, ممتدة هكذا, كلمة ثابتة:
﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
تعطيك الفواكه الناضجة:
﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
[سورة إبراهيم الآية:25]
الكلمة الطيبة تشد الإنسان إلى الدين و الكلمة الخبيثة تبعده عنه :
دقق الآن:
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية:26]
بحساب مطالعاتي مرة قرأت كلمة -أنا لا أعتقد أخبث منها في الأرض- قال: أنت أخلاقي لأنك ضعيف, وأنت ضعيف لأنك أخلاقي.
هذه كلمة تشوه المبادئ والقيم, كلمة من كلمات الشيطان؛ أنت أخلاقي لأنك مؤمن, أنت أخلاقي لأنك عرفت سرّ وجودك، وغاية وجودك, أنت أخلاقي لأنك تسعى للدار الآخرة, أنت أخلاقي لأنك الله يحبك وأنت تحبه, وهناك كلمة أخرى خبيثة؛ أنت أخلاقي لأنك ضعيف, وضعيف لأنك أخلاقي, هذه كلمة خبيثة.
والله هناك كلمات, أنا أقول: ألف تصرف رائع, حكيم, ناجح, أخلاقي, يشد الإنسان إلى الدين, وكلمة خبيثة واحدة, تعليق ساخر, تعليق فيه استهزاء, تعليق فيه ازدراء, يبعد الإنسان عن الدين:
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ* يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾
[سورة إبراهيم الآية:26-27]
القرآن قول ثابت :
القرآن قول ثابت, فيه آيات فيها بشارة للمؤمنين؛ مثلاً:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
[سورة فصلت الآية:30-32]
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
مراتب الدنيا مراتب مؤقتة :
أحياناً الإنسان يذهب إلى بلاد الغرب, يجد بلاداً جميلة جداً؛ جبالاً خضراء, أموالاً طائلة, الحياة بأعلى درجات من الدقة والرفاه, تأتيه خواطر شيطانية لماذا نحن لسنا كذلك؟ مثلاً: لماذا بلادنا ليست كهذه البلاد؟ يأتي الجواب:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
الآية الكريمة:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾
[سورة الأنعام الآية:44]
إذا اختل الإنسان توازنه قليلاً, حينما زار بلاد الكفار, تأتي هذه الآية, تزيل هذا الإشكال:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية:44]
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
والحمد لله رب العالمين